كيف توازن العلاقات العامة الرقمية بين التطور التكنولوجي و الأخلاقيات المهنية؟

في ظل التطور السريع للعلاقات العامة الرقمية، يصبح التوازن بين الابتكار والممارسات الأخلاقية أمرًا حيويًا. تتطلب مدونة أخلاقيات CIPR من المتخصصين الالتزام بنزاهة البيانات و الشفافية، مع ضرورة الحصول على موافقة أصحاب البيانات. كما تؤكد على الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، مع معالجة الانحيازات المحتملة. التواصل بصدق وشفافية وباحترام الخصوصية يعد ضروريًا لبناء الثقة. أخيرًا، يتوجب على المحترفين التكيف مع التغيرات التكنولوجية مع الحفاظ على أعلى المعايير الأخلاقية.

October 4, 2024

في ظل التطور المتسارع الذي تشهده العلاقات العامة الرقمية اليوم، أصبح تحقيق التوازن بين الابتكار و الممارسات الأخلاقية أكثر أهمية من أي وقت مضى. و مع تقدم التكنولوجيا التي تتيح فرصاً و أدواتٍ جديدة، أمسى المتخصصون في العلاقات العامة بأمسّ الحاجة إلى ترسيخ المعايير الأخلاقية التي وضعتها الهيئات المهنية المرموقة في هذا المجال؛ مثل مدونة الأخلاقيات الصادرة عن المعهد الملكي البريطاني للعلاقات العامة CIPR . نتطرق هنا إلى أهم المعايير الأخلاقية الواردة في هذه المدونة، و التي من شأنها توجيه هذا المسار المتوازن:

نزاهة البيانات و الشفافية: أصبحت البيانات بمثابة شريان الحياة للعلاقات العامة الحديثة، إذ توفّر رؤى قيمة حول سلوك الجمهور و فاعلية الحملات واتجاهات السوق. و مع ذلك، تؤكد مدونة أخلاقيات

CIPR على أهمية الصدق و الشفافية؛ أي أن يتمجمع البيانات و استخدامها بموافقة صريحة من أصحاب البيانات التي يتم جمعها، و معرفتهم التامة بكيفية استخدامها. ينبغي على محترفي العلاقات العامة التأكد من أن أساليبهم في جمع بيانات و استخدامها تمتثل إلى القوانين ذات الصلة، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR ؛ فسوء استخدام البيانات أو تحريفها يُعَدُّ انتهاكاً لمبدأ النزاهة، و يؤدي إلى تقويض الثقة و المصداقية.

الذكاء الاصطناعي و الأتمتة - الاستخدام الأخلاقي: في الوقت الذي يعيد فيه الذكاء الاصطناعي و الأتمتة رسم ملامح العلاقات العامة عبر دورهما في تحسين الكفاءة و تبسيط العمليات، فإن مدونة أخلاقيات CIPR توجب المتخصصين في العلاقات العامة ضمان استخدام هذه الأدوات بشكل مسؤول. يتضمن ذلك الحفاظ على الشفافية بشأن المحتوى الذي يتم إنشاؤه بمساعدة الذكاء الاصطناعي و التفاعلات المؤتمتة، و ضمان أن هذه الممارسات تنطوي على تضليل الجمهور أو خداعه. يتطلب الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي أيضاً معالجة الانحيازات المحتملة في الخوارزميات، و ضمان توافق الأدوات المؤتمتة مع قيم المؤسسة و المعايير الأخلاقية للمهنة.

الصدق في الاتصالات الرقمية: مع أن العلاقات العامة الرقمية تفتح آفاقاً جديدة للتفاعل مع الجمهور، لكنها تثير أيضاً تساؤلات حول الأصالة و المصداقية. تشدد مدونة أخلاقيات

CIPR على ضرورة التحلّي بالصدق و النزاهة في جميع عمليات الاتصال. و يشمل ذلك التأكد من وضع علامات واضحة على المحتوى الرقمي، بما في ذلك المنشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي و الشراكات مع المؤثرين و المحتوى المدعوم؛ لضمان عدم تضليل الجمهور. فالشفافية في الاتصالات الرقمية تبني الثقة بين العلامة التجارية و جمهورها، و تتكامل مع مبدأيّ الصدق والنزاهة.

احترام الخصوصية والسرية: تتيح الفضاءات الرقمية وصولاً أكبر إلى المعلومات والرؤى الشخصية. انطلاقاً من ذلك، تؤكد مدونة أخلاقيات

CIPR على أهمية احترام الخصوصية والحفاظ على السرية. كما تفرض على المتخصصين في العلاقات العامة التعامل مع المعلومات الحساسة بعناية، وضمان عدم الكشف عن البيانات الشخصية من دون موافقة أصحابها، فضلاً عن حماية المعلومات السرية من سوء الاستخدام.

النهج الأخلاقي الراسخ و التكيف: مع التطور المتواصل للتكنولوجيا، لابدّ من تطوير ممارساتنا المهنية بما يواكب هذا التطور مع الحفاظ على الأطر الأخلاقية الناظمة لهذه الممارسات. و في هذا الإطار، تحثّ مدونة أخلاقياتCIPR على التكيف مع المتغيرات المتسارعة في العالم الرقمي، و في الوقت ذاته، الالتزام الدائم بأخلاقيات مهنة العلاقات العامة. و يُعَدُّ التدريب المنتظم، و الاطلاع الدائم على التقنيات الجديدة، و المشاركة في مناقشات مفتوحة حول التحديات الأخلاقية، من الإجراءات الضرورية للحفاظ على أعلى المعايير المهنية.

يشكّل التوازن بين الابتكار الرقمي و الممارسة الأخلاقية مفتاحاً رئيسياً لبناء الثقة و المصداقية في مهنة العلاقات العامة. و عبر الالتزام بمدونة أخلاقيات CIPR ،يمكن للمحترفين في هذا المجال الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة للتكنولوجيا مع الحفاظ على النزاهة و الشفافية اللتين تمثّلان الإطار المعياري لهذه المهنة.

-انتهى-