دور إدارة السمعة في العلاقات العامة و تأثيره على رسم الصورة الذهنية للمؤسسات

السمعة هي أساس نجاح المؤسسات، والعلاقات العامة تلعب دوراً مهماً في بناء وتعزيز هذه السمعة الإيجابية المستدامة

December 13, 2024

تعتبر السمعة "المسوق الصامت" للمؤسسات، إذ تساهم بشكل كبير في تحديد مكانتها السوقية، وخاصة في ظل المنافسة الشديدة بينها، حيث يعد بناء سمعة إيجابية قوية لأي مؤسسة نقطة الارتكاز التي تستند عليها في رسم الصورة الذهنية السليمة عنها، و بالاقتراب أكثر من هذا المفهوم، الذي يتكون من مجموعة من القيم والتصورات المنسوبة للمؤسسات، فإنه يتأثر بالأحداث بشكل مباشر، و لكونه مفهوم مجرد يتطلب العمل عليه استراتيجيات محددة و خطوات ممنهجة، و هنا تكمن جهود خبراء العلاقات العامة و دورهم الفعال في خلق سمعة ذهنية ذات أثر إيجابي و مستدام في أذهان العملاء و التصدي لحماية و إدارة هذه السمعة، التي تشمل أيضاً مجموعة من الأنشطة التي تقوم بدورها في بناء صورة ذهنية سليمة و إيجابية و مستدامة على مختلف الأصعدة

السمعة هي كنز المؤسسة الثمين و أحد أسرار نجاحها و استمراريتها، و كلما كانت إيجابية زادت جاذبيتها للعملاء، إذ يشكل اعتقاد المجتمع و الأفراد المبني على الثقة و الاحترام و الذي يتم تكوينه خلال سنوات طويلة سمعة المؤسسة، و تقوم العلاقات العامة بدور فعال في تشكيل السمعة الإيجابية لأي مؤسسة من خلال خلق الوعي حول العلامة التجارية، و إتاحة فرص إعلامية لإدارة المؤسسة و العاملين فيها للظهور الإعلامي، إضافة إلى تنظيم الأحداث و الفعاليات التي تبني ثقة و نظرة إيجابية للمؤسسة في أذهان العملاء، كما تعمل العلاقات العامة على الاستفادة من قنوات الاتصال المختلفة، و صياغة الرسائل بشكل استراتيجي و نشرها للجمهور المستهدف

و ليس من السهولة بمكان بناء صورة ذهنية ذات أثر إيجابي لدى الجمهور، إلا أن اتباع خطوات معرفية مبنية على علم العلاقات العامةو دورها المحوري في تعزيز العلاقة بين المؤسسة و عملائها بأساليب و قواعد علميةممنهجة ستؤدي بالنتيجة إلى إدارة سهلة و واضحة للسمعة و من هذه الأساليب :

تعزيز الثقة

تظهر أهمية العلاقات العامة في بناء السمعة الحسنةللمؤسسة من خلال تعزيز الثقة مع جمهورها، و التي تعد العنصر الأكثر أهمية في عملية تشكيل السمعة، حيث يميل الأشخاص بطبيعة الحال للتفاعل مع المؤسسات وفقاً لثقتهم بها، و هذا الأمر يتطلب جهوداً حثيثة من العلاقات العامة للمحافظة على هذه الثقةو الانتقال بها إلى مرحلة تعزيز الولاء، و لتحقيق النجاح المطلوب لأي كيان لابد من الاستمرار في المحافظة على الثقة الإيجابية من خلال  الشفافية و الوضوح و الاستمرار في تقديم و تطوير خدمات ذات جودة عالية للعملاء بهدف استدامة العلاقة معهم إضافة إلى إظهار المسؤولية الاجتماعية من خلال ربط العلامة التجارية بالقيم الإنسانية الإيجابية و المساهمة في المبادرات الاجتماعية

تحقيق الشفافية

تساهم العلاقات العامة في تكوين الصورة الإيجابية الواضحة للمؤسسة و إيصال رسائل للعملاء تساعدهم في تشكيل إدراكهم المتنامي بمدى شفافية و نزاهة التعامل مع هذه المؤسسة، مما ينعكسفي بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة، و يرسخ هذا التصور الإيجابي سمعة قويةللمؤسسة و يترك انطباعاً مؤثراً لدى العملاء، حيث يشعرون بأنهم جزء أساسي من الكيان المؤسسي، و هذا ما يؤدي بالنتيجة إلى زيادة و لائهم و يحفز التفاعل المستمر معها، مما يدعم استمرارية العلاقة و يعزز مكانة الشركة في السوق، كما تقوم العلاقات العامة بدور محوري في مراقبة الرأي العام و قياس تأثير الحملات الإعلامية على سمعة المؤسسة، من خلال استخدام أدوات القياس المختلفة مثل استطلاعات الرأي و التغذية الراجعة من وسائل التواصل الاجتماعي و غيرها الكثير من الأدوات

 

التفاعل مع الجمهور

يبحث الجمهور بشكل مستمر عن كل ما هو جديد و مبتكر يلبي احتياجاته و تطلعاته، و عندما تتمكن المؤسسات من تقديم أفكار جديدة و مفاهيم مبتكرة، تزداد فرصها في جذب انتباه الجمهور و تترك لديه انطباعاً قوياً يعزز قيمة الولاء

إن بناء علاقة جيدة مع الجمهور يعكس مدى قرب المؤسسة مع عملائها، فكلما تقلصت الفجوة بين العلامة التجارية و الجمهور أصبحت  قادرة على بناء قاعدة جماهيرية مخلصة و ثابتة، و هنا يأتي دور العلاقات العامة في تقديم الرسائل الواضحة و الشفافة و إيصالها إلى الجمهور عبر القنوات المناسبة  من أجل المحافظة على تواصل مستمر معهم، و تعزيز الولاء و الثقة لديهم بسمعة المؤسسة

 

الاستجابة الفعالة للأزمات

تواجه أغلب الشركات خلال مراحل نموها و تطورها أزمات و تحديات جمة، و من المهم في تلك المراحل أن يكون لديها الجاهزية و الاستعداد التام لأي طارئ، فرسم خطط تعتمد على بيانات التنبؤ بالأزمات هي مرحلة حاسمة في تجاوز أي تحدٍ يواجهها، و التحضير المسبق يسهل التعامل مع الأزمة قبل و أثناء و قوعها، و هذا ما يسهم بشكل كبير في الحد و التخفيف من الأضرار التي يمكن أن تلحق بأي مؤسسة، و يكمن الدور المحوري للعلاقات العامة هنا من خلال تصميم و وضع الاستراتيجيات و الخطط الفعالة لإدارة الأزمة و التعامل مع المواقف الحرجة، عبر تقديم رؤى استباقية و تحليلات علمية بهدف الاستعداد مسبقاً لأي موقف

 

التطوير المستمر للمنتجات و الخدمات

يمثل الابتكار و التطوير المستمر للمنتجات و الخدمات أبرز العناصر الحيوية في إدارة السمعة، كما يعد العامل الأساسي و حجر الزاوية في تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات واستمراريتها. و مع مواصلة التطوير، تبقى المؤسسة قادرة على التكيف مع متغيرات السوق، مما يساهم في تعزيز ثقة العملاء ورضاهم، وزيادة ولائهم للعلامة التجارية، و بالتالي دعم استدامة النجاح و النمو على المدى الطويل، وتلعب العلاقات العامة دوراً مهماً في المشاركة بتصميم حملات تسويقية تستهدف تعزيز صورة المؤسسة في السوق، و المساعدة في دمج استراتيجية العلاقات العامة مع استراتيجيات التسويق بشكل متكامل، مما يعزز الرسائل المتوافقة و المترابطة

 

و عليه فإن العلاقات العامة تعمل بشكل مستمر لضمان استمرارية السمعة الإيجابية للمؤسسات و تعزيز العلاقات الإيجابية مع الجماهير للوصول إلى بناء جسور ثقة قوية و ثابتة معهم.. جسورٌ مبنية على استراتيجيات مدروسة تتيح للمؤسسة تشكيل صورة ذهنية مستدامة تعكس سمعتها الطيبة و تؤثر إيجابياً في الرأي العام، و من هنا نجد أن أفضل استثمار لتحقيق النجاح الكامل لأي مؤسسة هو الحفاظ على سمعتها الإيجابية بين جمهور عملائها، لضمان تحقيق تأثيرات مستمرة تعزز سمعتها في السوق على المدى الطويل